إباحة الإسلام للكذب في ثلاثة حالات

طالبت بالدليل فقالت: دقيقة آتيك بالدليل
وسبقها شخص آخر يدعي أثناسيوس فكتب علي شاشة الدردشة
( ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها )

شكرت أثناسيوس وقلت
اسمحوا لي أولا أن أسجل إعجابي بأسلوب الأستاذة دوف فهي حقا بارعة في الحديث, وأتمنى أن تكون كذلك في الإصغاء, ولا تقاطعني كل نصف دقيقة مثل ليلة أمس .. كل ما أطلبه دقائق أقصاها سبع
قالت سامحني أولا, قلت من كل قلبي فقالت ميمونة لك يا عيني ولك خمس دقائق

أسمحوا لي أولا أن أقول بسرعة أن الحديث لا يقول ان الإسلام يبيح الكذب, بل العكس تماما, أي أن الإسلام يحرم الكذب ويرخصه في ثلاثة حالات .. وها أنا أعترف أمامكم ان الإسلام يبيح الكذب في ثلاثة حالات ... والآن دعوني أعطي مثالا لحالة واحدة

ثم وجهت حديثي إلي أثناسيوس
أثناسيوس صديقي .. أنا ليست محظوظا مثلك, لم أختر الجمال حين تزوجت, ولكن.. رغم ان زوجتي ليست بارعة الجمال, الا ان الإسلام يسمح لي أن أعازلها وأقول لها : ما أجملك يا بنت الكريم, ما أحلاك أيتها الحبيبة بالذات

وهنا طلب مني أحد أعضاء إدارة الغرفة أن أتوقف ففعلت وقيل لي ان الوقت المحدد قد انتهي, وإذا أردت إتمام جوابي فإن علي أن أتوقف عن الغمز واللمز 1

أبدت أسفي وأكملت قائلا
المختصر المفيد هو ان الإسلام يحرم الكذب ولكن يسمح لي أن أجامل زوجتي غير الجميلة, ولعلها تهديني هدية لا تعجبني في يوم العيد فأقول لها انها أفضل هدية
ومن الناحية الأخرى .. نفترض ان مسيحيا تزوج زوجة لم يكن لها نصيب من الجمال, والمسيحية تحرم الكذب مطلقا ولا تسمح للزوج ان يجامل زوجته ... صديقي أثناسيوس .. أريدك أن تتخيل الزوج يصارح زوجته يقوله: ما أقبحك يا زوجتي, .. وسرعان ما تنزل زجاجة البيرة علي رأس الزوج, وقد تكون الزوجة صالحة طيبة فتعاتبه قائلة:حبيبي .. ما الذي يضايقك ؟ فيقول بكل صراحة: آسف انا لا أحبك, أنت زوجتي فقط وليست حبيبتي

قاطعتني إدارية يبدوا من لهجتها أنها لبنانية وقالت
يا أستاذ أباشيخ نحن ليسنا في المسجد وأنت تخطب كمن يخطب الجمعة
سألتها لماذا قاطعتني فقالت إنها لا تريد أن أكون سبب عثرة للآخرين

شعرت بالارتياح رغم إني لم أكمل جوابي, لكن شعرت ان الفكرة وصلت, وشعرت براحة أكثر حين التقيت بالأستاذ أثناسيوس في غرفة إسلامية, وأردت أن أكمل حديثي معه, رحبت به ثم وجهت حديثي إلي الأخ الذي كان يدير الحوار يعرف بالاسم الرمزي ( فرسان الإسلام )
سألت فرسان وبدون مقدمات
هل أخبر زوجتي ان طعامها اليوم مقرف
فرسان لم يدرك إلي ما أرمي إليه فأعطاني نصائح عديدة, لا أذكر منها سوي واحدة , وهي مكلفة فلن نذكرها هنا .. المهم أني شكرته علي نصائحه, ثم وجهت حديثي إلي أثناسيوس وسألته عن رأيه .. ولكن أثناسيوس أدرك غرض السؤال فقال
لا يوجد أفضل من الصراحة
سألته : أتقول لها أنها قبيحة إن كانت كذلك
قال : أقول لها أنت قبيحة ولكنك أجمل امرأة في نظري
قلت: ماذا لو تحدثت معك علي المحمول وقالت أنها اشتاقت إليك
قال أقول وأنا كذلك
قلت: وإن كان لم يكن بك شوق إليها بعد .. هل تصارحها .. يعني هل تقول لها أن ليس بك شوق إليها
قال معم
قلت: الآن عرفت لما كثر الطلاق فهل تسمح لي بسؤال آخر
قال أن لديه نصف ساعة وسوف يجيب علي أسئلتنا بصدر رحب بشرط الاحترام المتبادل ... أكدنا له حقوقه وطلبت منه أن يتخيل أنه يعيش في زمن يسوع, وأنه كان يعرف مكان يسوع حين كان يطلبه جند الرومان لصلبه, وقد أمسكوا بك يا أثناسيوس ووجهوا لك سؤالا صريحا وهو – هل تعرف أين يسوع ؟
صمت أثناسيوس ولم يجب .. أكدت عليه السؤال
هل تسلم يسوع يا أثناسيوس ؟ هل تأخذ مكان يهوذا الخائن ؟

تردد أثناسيوس قليلا قبل أن يقول أنه بحاجة إلي التفكر في هذا السؤال وطلب تأجيله, فأخبرته إني أحترم رغبته وطلبت منه أن يقرأ علينا سفر الخروج الإصحاح الأول من الفقرة 15 ففعل بعد أن استفسر عن السبب

. وكلم ملك مصر قابلتي العبرانيات اللتين اسم احداهما شفرة واسم الاخرى فوعة.
وقال حينما تولّدان العبرانيات وتنظرانهنّ على الكراسي.ان كان ابنا فاقتلاه وان كانت بنتا فتحيا
ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا كما كلمهما ملك مصر.بل استحيتا الاولاد.
فدعا ملك مصر القابلتين وقال لهما لماذا فعلتما هذا الامر واستحييتما الاولاد.
فقالت القابتان لفرعون ان النساء العبرانيات لسن كالمصريات.فانهنّ قويات يلدن قبل ان تاتيهنّ القابلة.
فاحسن الله الى القابلتين.ونما الشعب وكثر جدا.

طلبت منه التوقف وسألته
هل هذا كذب ام لا يا أستاذ أثناسيوس
أقر أنه كذب فسألته
ماذا كان جزاء الكذب يا أثناسيوس
لم يجب أثناسيوس, فقلت له
فأحسن الله إلى القابلتين .. كذبتا فأحسن الله إليهما .. بل أن الإله اعتبر هذا الكذب نوعا من التقوى , لذلك يقول الكتاب بعد ذلك (وكان اذ خافت القابلتان الله انه صنع لهما بيوتا ) الخروج 1/21

وهنا قال أثناسيوس
يا أستاذ أباشيخ ,, هل تعرف ما هي مشكلتكم .. إنكم لا ترجعون إلي التفاسير أما نحن فنحتج عليكم من تفاسيركم .. علي العموم أنا شاكر لاحترامكم وسوف نكمل غدا قبل هذه الساعة بساعة ونصف , وقد أخبرتك أني سوف اخرج فأرجو أن لا تقل اني أهرب

غادر أثناسيوس, وكنت أرجو أن يقرأ علينا قصة أخري من الكتاب المقدس, ولم يكن ذلك’ لذلك نختصرها هنا, وتتعلق القصة بزانية تدعي راحاب, عملت لصالح اليهود بأن قدمت ملجأ آمنا لجاسوسين أرسلا من قبل يشوع بن نون , وكذبت الزانية فأحسن الإله إليها وكرمها تكريما,

. فارسل يشوع بن نون من شطّيم رجلين جاسوسين سرّا قائلا اذهبا انظرا الارض واريحا.فذهبا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب واضطجعا هناك.
فقيل لملك اريحا هوذا قد دخل الى هنا الليلة رجلان من بني اسرائيل لكي يتجسّسا الارض.
فارسل ملك اريحا الى راحاب يقول اخرجي الرجلين اللذين أتيا اليك ودخلا بيتك لانهما قد أتيا لكي يتجسّسا الارض كلها
فاخذت المرأة الرجلين وخبّأتهما وقالت نعم جاء اليّ الرجلان ولم اعلم من اين هما.
وكان نحو انغلاق الباب في الظلام انه خرج الرجلان.لست اعلم اين ذهب الرجلان.اسعوا سريعا وراءهما حتى تدركوهما:
واما هي فاطلعتهما على السطح ووارتهما بين عيدان كتان لها منضّدة على السطح.
( يشوع 2/1 – 6 )

القصة واضحة, امرأة عاهرة دخل عليها جاسوسين’ فلما سألتها الدولة أنكرت وجودهما, بل ضللت الدولة بقولها (خرج الرجلان.لست اعلم اين ذهب الرجلان.اسعوا سريعا وراءهما حتى تدركوهما )
ويخبرنا سفر يشوع 6/17 بصدور أمر إبادة مدينة أريحا والتي هي مدينة راحاب الزانية, فماذا يكون جزاء الزانية الكاذبة .. الجواب هو الحفاظ علي حياة الزانية لأنها كذبت
(. فتكون المدينة وكل ما فيها محرّما للرب.راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت لانها قد خبأت المرسلين اللذين ارسلناهما.)

وجاء في يشوع 6/ 25
( واستحيا يشوع راحاب الزانية وبيت ابيها وكل ما لها.وسكنت في وسط اسرائيل الى هذا اليوم.لانها خبأت المرسلين اللذين ارسلهما يشوع لكي يتجسّسا اريحا )

وهذا ما أكده بولس في رسالته إلي العبرانيين 11/31 فقال

( بالايمان راحاب الزانية لم تهلك مع العصاة اذ قبلت الجاسوسين بسلام )

وأيضا في رسالة يعقوب 2/25
( كذلك راحاب الزانية ايضا أما تبررت بالاعمال اذ قبلت الرسل واخرجتهم في طريق آخر.)

ولم يكتف الإله بالحفاظ علي حياتها بعد أن أمر بإبادة كل سكان أريحا’ بل أعد لها تكريما آخر لم يكن أبدا ليخطر علي زانية, فقد جعل الإله هذه الزانية جدة ليسوع, واسمها مخلد في نسب الإله كما يزعمون تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا

الملخص

وفي الختام تقول أن هذه السطور القليلة لم يكن القصد منها الرد المفصل علي الشبهة, وعلي القارئ الرجوع إلي كتب العلماء إن أراد تفاصيل إضافية

بقي أن نقول أن الحياة الزوجية قائمة علي المودة والرحمة, كما ان اللطف واستطاب النفس لابد منهما لاستمرارها, فأي مودة هي في أن يقول الزوج لزوجته: ما أقبحك ! وهل بقي لطف في زوج لا يجامل زوجته في الشؤون الدنيوية .. أما الإصلاح بين الناس مقصد نبيل لا ينكره أحد وأما عن الكذب في الحرب, فقد رئينا كيف ان من نسب إليهم في الكتاب المقدس, جزاهم الإله, تارة بأن جعلهم في سلالة نسبه وتارة أخري بأن وصفهم بالتقوى فأحسن إليهم خير الإحسان,’ وترديد النصارى لهذه الشبهة ما هو إلا دليل علي إباحة النصرانية لجميع أنواع الكذب والنفاق, بدليل أنهم يوصفون يهوذا بالخيانة, بينما يوصف بطرس بالقداسة وهو الذي أقسم بالله أنه لا يعرف يسوع,, وقد كان كبير التلاميذ وفقا للكتاب المقدس, ومع ذلك حين أراد أن ينجوا بحياته, لم ير مانعا من أن يكذب بل ويلعن يسوع ..
ثم يتوقعون منا أن نقول لجورج بوش : هذه أسلحتنا تعال فدمرها وهؤلاء قادتنا أرسلهم الي غوانتنامو, فيا له من نفاق

1 قول الكاتب " ما أجملك يا بنت الكريم, ما أحلاك أيتها الحبيبة بالذات " مقتبس من نشيد الإنشاد وهذا ما قصدت به إدارة الغرفة اللمز والغمز ( نبذة عن نشيد الأناشيد )

محمود أباشيخ